مراد المرصفي عضو مميز
عدد المساهمات : 87 نقاط : 265 تاريخ التسجيل : 26/10/2009
| موضوع: الزكاه الخميس 7 يناير 2010 - 7:07 | |
|
والزكاة هي الشعيرة الثانية في الإسلام , والركن المالي الاجتماعي من أركان . العظام , وهى شقيقة الصلاة في القرآن والسنة , قرنت بها في كتاب الله ثمانية وعشرين مرة، تارة بصيغة الأمر، مثل قوله تعالى( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وتارة بصيغة الخبر مثل قوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). وطوراً تأتي الزكاة مقرونة بالصلاة في صورة الشرط للدخول في دين الإسلام أو في مجتمع المسلمين، قال تعالى في سورة التوبة في شأن المشركين المحاربين: ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم , إن الله غفور رحيم ) , وقال بعد بضع آيات من نفس السورة : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) . فلم يعترف لمشرك بالدخول ف الإسلام , ولا بالانتساب إلى المجتمع المسلم , واكتساب أخوة أبنائه إلا بالتوبة من الكفر , وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة . وهى عبادة قديمة - كالصلاة - جاءت بها النبوات , وحث عليها الأنبياء , وكانت في طليعة وصايا الله لهم , وفى طليعة وصاياهم إلى أممهم . أثنى الله على أبى الأنبياء إبراهيم وعلى إسحاق ويعقوب فقال لهم : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة , وكانوا لنا عابدين ) . وأثنى على إسماعيل بقوله وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً) . وجاء في خطابه لموسى : ( ورحمتي وسعت كل شئ , فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ) . وذكر في بيانه لبنى إسرائيل (و لا تعبدون إلا الله وبالولدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ). وقال على لسان عيسى في المهد: (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً) وقال في لأهل الكتاب: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنيفا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة , وذلك دين القيمة ) . وفي مجمل هذه الآيات نرى الزكاة قرينة الصلاة، فهما -كلتاهما- شعيرتان وفريضتان وعبادتان. الصلاة عبادة بدنية روحية , والزكاة عبادة مالية اجتماعية , ولكونها عبادة وقربة إلى الله اشترطت الشريعة فيها النية والإخلاص , فلا تقبل زكاة إلا بنية التقرب إلى الله . وهذا بعض ما يميزها من الضريبة الوضعية . بيد أنا نؤكد هنا : أن الزكاة التي فرضها الإسلام - وان اشتركت في الأصل والاسم مع الزكاة في الديانات السابقة - هي في الواقع نظام جديد فريد , لم يسبق إليه دين سماوي , ولا قانون أرضى . إنها ليست مجرد إحسان موكول إلى إيمان الفرد وضميره , ولكنها ضريبة وعبادة يحرسها إيمان الفرد , ورقابة حرامة , وسلطان الدولة . فالأمل في الإسلام أن تؤخذ الزكاة بواسطة الإمام والسلطات الشرعية , وبعبارة أجزى بواسطة الدولة المسلمة , عن طريق الجهاز الإداري الذي نص عليه القرآن في صراحة وسماه: ( العاملين عليها ) وجعل لهم سهماً من مصارف الزكاة , دلالة على استقلال ميزانيتها من الأبواب الأخرى في الميزانية , حتى لا تذوب حصيلتها في مصارف الدولة المتنوعة , ولا يدرك المستحقون منها شيئاً يذكر , ومن ثم قال القرآن : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وجاء , في الحديث من الزكاة: ( أنها تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ), فهي - إذن - فريضة تؤخذ أخذاً , وليست تبرعاً اختياريا متروكاً لضمائر الأشخاص. ولا نعجب بعد ذلك إذا حدثنا التاريخ الصادق أن الخليفة الأول لرسول الله , أبا بكر الصديق , جيش الجيوش , وبعث الكتائب , وأعلن الحرب على أقوام من العرب امتنعوا عن أداء الزكاة , وقالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتى الزكاة , فأبى الصديق أن يهادنهم في شيء مما أوجب الله, وقال كلمته الشهيرة والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة , والله لو منعوني عناقاً- أي عنزة صغرة , وفى رواية : عقالاً - كانوا يؤدون لرسول الله لقاتلهم عليه) . ولم يفرق أبو بكر بين المرتدين الذين اتبعوا أدعياء , النبوة , وبين الممتنعين من إيتاء, الزكاة وقاتل أولك وهؤلاء .
ولما كانت الزكاة ضريبة تتولى الدولة المسلمة جبايتها من أربابها , وتوزيعها على مستحقيها , حدد الإسلام مقاديرها ونصبها والنسب الواجبة فيها , والمصارف التي توضع فيها , ولم يدعها لضمائر المؤمنين وحدها في مقدارها ونسبتها ومواردها ومصارفها | |
|