بعد عناء نصف عام دراسي عانى فيه الأباء والأبناء الكثيرَ سعيًا لتحصيل أعلى الدرجات تأتي الإجازة التي تُعتبر فترةً من فترات الراحة النسبية لأفرد الأسرة كلها وخاصةً الأم التي تُعتبر آخر من ينام وأول من يستيقظ، بدايةً من معركة إيقاظ الأبناء وعمل السندوتشات وإعطاء التمام على الملابس، ثم الالتفات لأعباء المنزل أو الجري لحاقًا بميعاد العمل، ثم العودة لإعداد الغداء، والدخول في معركة الواجبات المنزلية ومتابعة الدروس والاستذكار.
ثم تأتي الإجازة بعبء جديد ولذيذ على الأم؛ حيث إنه لا يمكن تجاهل كمّ الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأبناء من جرَّاء هذا الماراثون الدراسي، وبدون فاصل ترويحي (كالإجازة) حتمًا ستظهر هذه الضغوط في صور عديدة، مثل عدم الاتزان الانفعالي، سوء العلاقة مع أفراد الأسرة، التكاسل في أداء العبادات، الرفض الدراسي لما هو متبقٍّ من العام الدراسي، فضلاً عن أن فراغ الأبناء أوقاتًا طويلةً في الإجازات يزيد من نسبة المشاحنات بينهم.
- ما رأيك في إعادة توازنك بعد فترة دراسية صعبة؟
- ما رأيك في مشاركتنا لك إعدادَ إجازة مريحة سعيدة لك ولأسرتك؟
إذا كنتِ ترغبين في ذلك فإليكِِ مقترحاتنا لتلاشي سلبيات الفراغ والاستفادة القصوى من الإجازات؛ فيجب التخطيط الجيد والاستعانة بالنقط التالية:
- نشر السعادة والمرح: يقول سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم-: "تبسمك في وجه أخيك صدقة" وفي حديث آخر يوصينا- صلى الله عليه وسلم- بأيسر الأعمال لدخول الجنة فيقول:
"من أدخل السرور على أهل بيت من المسلمين لم يجد الله له جزاءً إلا الجنة".
وقد أثبت العلم أن الضحك أيسر عضليًّا من العبوس؛ حيث إن الإنسان إذا ضحك تحركت 13 عضلةً في وجهه فقط، بينما إذا عبس وكشر انقبضت 47 عضلةً، والإنسان عندما يضحك تنقبض عضلات الفم ويصحب ذلك نفَسٌ عميقٌ قد تهتز معه عضلاتُ البطن والحجاب الحاجز؛ مما يعتبر نوعًا من التدليك الداخلي للأعضاء، كما أن هناك بلدانًا كثيرةً من العالم أصبحت تبدأ علاج مرضاها بالتهيئة ومحاولة إضحاكهم بأقصى درجة لحوالي نصف ساعة؛ لما له من أثر عظيم على الراحة النفسية والطمأنينة ما يجعله أكثر تقبلاً للعلاج.
والحقيقة أن ضغوط الحياة شغلتنا عن أهم عطاء لا بد وأن نبذله لأبنائنا، ألا وهو الابتسامة التي تُشرق في الوجه وتنير أرجاء البيت وتبعث فيه روح المحبة والألفة من خلال الطرفة أو النكتة أو الدعابة الظريفة لينشأ أبناؤنا في جوٍّ دافئ مليء بالمرح الممزوج بالحب والوقار.
والضحك له وظيفةٌ نفسيةٌ في تخفيف أعباء الواقع وترطيب الحياة وراحة النفس، فله دور كبير جدًّا في الاتزان العاطفي للفرد، كما يهدف إلى تحقيق التكامل النفسي والاجتماعي؛ إذ إنه يخلِّص الإنسان من المتاعب ويخلِّص المزاج من الكآبة والضيق، فالضحك عنصرٌ أساسي للنجاح في الحياة، ونشر السعادة مطلب بسيط ولكنه عظيم الأثر في النفس البشرية يستوي فيه الصغار والكبار.
الحوار وحرية الاختيار
واستفتاحًا لإجازة سعيدة لا بد من تصفية الأجواء بين الآباء والأبناء باقتراح عمل حفلة بمناسبة الإجازة، ويشارك الأبناء في الإعداد لها، ويتم فيها التحاور وتقديم الاقتراحات الخاصة بكيفية قضاء الإجازة بعد التسامح والتغافر لما قد يكون صدرَ من تصرفات أثناء الضغوط السابقة، مع مراعاة آداب الحوار وتقبُّل النقد واحترام وجهات النظر المختلفة وعدم احتكار ساحة الحوار بآرائنا، فلسنا دائمًا على حقٍّ، ولنكن نحن المربِّين قدوةً لأبنائنا ولنُدخل عبارات التشجيع والإطراء والسعادة في حواراتنا، ولنجعلها بعيدةً عن اضطرابات المذاكرة والمدارس، وهذا له أثرٌ كبيرٌ جدًّا في التواصل النفسي والاتزان الوجداني لهم.
الرحلات
والرحلات من الوسائل الرائعة في تجديد نفسية الأبناء وإثراء معلوماتهم، وقد تكون رحلةً ترويحيةً وترفيهيةً أو تكون رحلةً علميةً أو ثقافيةً أو لصلة الرحم وزيارة الأقارب، ولو كانت الرحلة تستغرق سفرًا ستكون أكثر إمتاعًا وإثارةً، على أن تستهدف التقارب بيننا وبين أبنائنا، وإشاعة روح البهجة والسعادة.
ويمكن اصطحاب كاميرا ومفكرة لتدوين الذكريات الجميلة، ويقوم كل فرد بكتابتها بنفسه مع التعليق، فمثلاً يمكن التعليق على صلة الرحم بآية أو حديث مثل "الرحم معلقة بعرش الرحمن تنادي: اللهم صِل من وصلني واقطع من قطعني" وذلك يرسِّخ فيهم معنى الانتماء للعائلة.
وفي الرحلات العلمية لا بد أن يرد الأباء على تساؤلات الأبناء، ولكن ليس معنى ذلك الرد على الأسئلة التي يعلمونها والتي يجهلونها؛ لأن ذلك من قبيل الخطأ الذي يجب عدم اقترافه، وعليهم أن يخبروه أنهم لا يعرفون الإجابة، وأن يشتروا كتابًا أو يبحثوا في النت عن المعلومة فيتعلم التثقيف.
أيام رياضية
مجال الرياضة بالنسبة للأبناء واسع جدًّا، وهو يساعد على تنمية متزنة وشاملة، والنشاط الرياضي له مجالاتٌ عديدةٌ، فهناك نشاط رياضي يختص بالجميع، وهو ما يسمى (الرياضة للجميع) أي ممارسة النشاط الرياضي من جميع الأعمار مع ممارستها في كل وقت أثناء اليوم.
ويمكن الاستعانة بمرتبة إسفنجية أو بعض الأجهزة الرياضية داخل المنزل، ويمكن عمل يوم رياضي حسب ظروف حياتنا على الأقل في إجازة نصف العام صباحًا أو مساءً، مثل المشي أو الجري أو "ماتش" كرة بين الأبناء، على أن يشارك كل أفراد الأسرة في الأيام الرياضية مع توفير بعض الجوائز للتشجيع ولو بسيطة.. هذا بالإضافة إلى المواظبة على مزاولة النشاط على أيدي متخصصين في النادي الذي يتدرب فيه الأبناء.
مشاركة الأبناء
يشارك الأبناء يوميًّا في ترتيب المنزل حتى يتعوَّدوا على ذلك، وكذلك إعداد المائدة وتنظيف الأواني أو نشر الغسيل أو جمعه أو الطهي، وكذلك قضاء الحوائج خارج البيت، فتعليم الأبناء الشراءَ يعلِّمهم حسنَ المعاملة مع الآخرين، كما تعلمهم تمييز الجيد من السيئ، وتعودهم على المواجهة والأمانة والادخار والاقتصاد، وذلك عن طريق اصطحابهم إلى العمل والسوق والمشاركة في الخدمة العامة والأعمال التطوعية التي تفيد المجتمع