الرؤية الروحية فى شعر رفعت المرصفى

الأسرة لها الأثر الأعظم فى نشأة الإنسان ، وقد نشأ شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى فى كنف والده الذى حرص على تعليم أولاده الصلاة وفرائض الدين الإسلامى ، وكان حريصا على إرسالهم إلى كُتاب القرية فى طفولتهم ، ولذا نجد الكثير من الأشعار التى تفيض روحانية لشاعرنا وترتكز على الكُتّاب وأثره فى العملية التعليمية لشاعرنا رفعت المرصفى ومما هو جدير بالذكر أنه كتب هذه الأشعار باللغة العامية المصرية ربما لأنه قد رأى أنها مناسبة لمرحلة الطفولة التى يتحدث عنها فقد كتب ديواناً كاملاً بعنوان " الله عليك يا زمان الطيبيين" يتحدث فيه عن طفولته وصباه المبكر فى قريته مرصفا حيث يقول فى مقطع من هذا الديوان :
من كام سنة
واحنا لسه صُغيّرين
شايلين مصاحف ربنا
ودواية سُودا صُغيّرة
وعُقلة غــاب
بنمّل بيها للكتابة
على لوح صفيح
أو لوح خشب
مربوطة فيه الممسحة
ولو مفيش
نمسح بديل الجلابية المُضحكة
كُتاب صحيح ..
لكنه فاق المدرسة
ويقول أيضا :
وفى يوم ميلاد سيدنا النبى
نخرج صفوف
من كل كُتاب فى البلد
ونلف من شارع لشارع
والفرح فارعْ
والفرح فارد ضلته
فوق الشوارعْ
والكل فرحان
بالغُنا لاجل النبى
لسه الغُنا ساكن ودانى
زى ما يكون من يومين
هذا وما زال شاعرنا حريصاً على الصلاة بمسجد "سيدى عبد العزيز" أحد المساجد القديمة بقرية "مرصفا" التى ولد فيها وتعلم فى مدارسها ويقيم صالونه الثقافى الشهرى بمنزله الكائن بها ، وهذا المسجد مجاور لمنزل شاعرنا من الجهة الخلفية ، وفى ذلك يقول :
أحلف بأنغام الأدان / اللى كان
جوّة دارنا فـ " الوسيةْ "
أصل دارنا كان فاصلها عن جامعنا
خطوتين أو تلاتة بالتمام
وهوَّ جامع سيّدى عبد العزيز
لسّاه عزيز / لسّاه قُريّب من قلوب الموجودين
لسّانى شايف صورة ابويا ويَّا سيدى
بِين جموع الساجدين
لسّانى باحرص عـ الصّلا
فى نفس المكان
لمّا بتحضنّى البلد
من حين لحين
وعن شهادة التوحيد يقول شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى فى قصيدة بعنوان : " شهادة التوحيد" ونذكر منها :
يا أول الأركان فى دين الهُــــدى
دين على كل الدُنــا يتفــــــــوّقُ
ترديدك الميمون يُسعد مهجتى
وكأن سحرا بالحــــــروف يُموسِقُ
بك يستظل المسلمون جميعهم
والكل فى ألــــــق الســـنا يتعلقُ
يا حظّ من نطق الشهــادةَ – قلبُهُ
وأحس خفقا بالعـــروق يوثّــــــقُ
وازداد عزا بالشـــــهادة وارتقى
ومضى إلى ركب الهـــــداية يُرزقُ
قد قلتها – ومعى تقول جوارحى
والله فوق الشـــــاهدين مُصـــــدقُ
الله أكبـــر – واحــداً – متوحـــدا
ورســـــــوله هو "أحمد" يتــــــألقُ
وحول شهادة التوحيد يمكن أن نضيف أن : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " الركن الأول من أركان الإسلام الخمس ، وباب الإسلام والتوحيد .. فعن أبى عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بُنى الإسلام على خمس .. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت " ، كما أن شهادة التوحيد هى مفتاح الجنة , وتحمل العديد من الأسرار فجميع حروفها جوفية .. ليس فيها حرف شفوى إشارة إلى الإتيان بها من خالص الجوف وهو القلب ، و " لا إله إلا الله " ليس فيها حرف معجم إشارة إلى التجرد من كل معبود سوى الله تعالى وحروفها إثنا عشر حرفا كشهور السنة ومنها أربعة حرم وهى لفظ " الجلالة " ويتكون من حرف فرد ، وثلاثة سرد ، وهى أيضا أفضل كلماتها, وشهور السنة نجد منها أيضاً أربعة حُرم هى : ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب فمن قال " لا إله إلا الله " مخلصا كفرت عنه ذنوب سنة ، وحروف " محمد رسول الله اثنا عشر حرفا ، وحروف كل اسم من أسماء الخلفاء الراشدين اثنا عشر حرفا ، وساعات الليل والنهار أربع وعشرون ساعة و " لا إله إلا الله محمد رسول الله " أربع وعشرون حرفا كل حرف منها يكفر ذنوب ساعة ، و" لا إله إلا الله محمد رسول الله " سبع كلمات ، وللإنسان سبعة أعضاء ، وللنار سبعة أبواب فكل كلمة من هذه الكلمات تغلق بابا من الأبواب السبعة عن كل عضو من الأعضاء السبعة
أما هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة فقد غيرت مجرى التاريخ ، وقد صاحب رسول صلى الله عليه وسلم فى الهجرة " أبوبكر الصديق " رضى الله عنه ، وعن الهجرة يقول شاعرنا :
صلى عليــك الله يا نبع الهدايةِ
بالصـــلاة عليك يبتلُّ الظّمـــــــىِ
بعد الثلاثة عشر عاما فى الضـنا
كُنت القوى وكنت خيـــــر معلّمِ
حتى أتاك الوحى أن قم وارتـــحلْ
نفّذت أمـــــر اللــه دون تبــــــرُّمِ
فتركت أرضا كم عليك عزيـــزة
وقصدت قوما ينصرونك بالـــدم
وجنحت صــوب الغار تقصد حكمةً
واللــه عنك يرد كيد الغاشـــــم
ودخلت والصديق فى سِتر الدجـــى
كان الوفــــى وكان نعم المغنمِ
سَد الشـــــقوق بجسمه من خشيةٍ
أن تُبتلى من ضُـر بعض الهُـّـــــوّمِ
وأتت سيوف كى تنال من السنا
لولا العناية أمكرت للظــــــالم
وعن قصة الهجرة أيضاً فى قصيدة أخرى بعنوان " هجرة النور " يقول شاعرنا :
وتبدّد الحقـــد الدفيــــــن
وصـــــارت الدنــيا أميـــنةْ
ومضـــى الضيـــاء يحفّـــــــهُ
طهر السريرة والسكينةْ
شـــــــاء الإلــــــه بأن يكون
حبيــبه علـــم الســـفينةْ
شـــــاء الإلـــــه بأن يكون
منـــــارةالهـــدى المتيـنةْ
ما زال نــــوراً ســــــاطـــعا
وقـــــلاع إيـــمانٍ حصيــنةْ
للـــــه كــــانت هجــــــــــرة
منها الدروس المُستبينة
رحل الرسـول إلى المدينة
وأعـــز بالأنصــــــار ديـــنَهْ
وكلما هلت علينا ذكرى الإسراء والمعراج تذكرنا تكريم رب العزة سبحانه وتعالى لرسولنا الكريم بعد أن زادت قريش فى مضايقتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن فقد أعز عزيزين من أهله هما : عمه "أبو طالب" نصيره وسنده ، وزوجته السيدة "خديجة" عونه وعضده ، وكان الإسراء ليلا بخاتم المرسلين فى شهر حرام .. هو رجب ، ومن بلد حرام .. هو مكة المكرمة مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن مسجد حرام .. هو أول بيت وضع للناس وقبلة الصلاة للمسلمين وإليه تشد الرحال للحج كل عام .. إلى بيت المقدس أولى القبلتين وثانى الحرمين ومهد الرسالات , ومنه كان المعراج إلى السماء مهبط الوحى ومستقر الملائكة الكرام ، وارتقاء إلى سدرة المنتهى حيث كانت المناجاة وفرض الصلاة .
ولقد كان لهذه الرحلة أثرها العظيم فى نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفى نفس أصحابه الكرام ، وفى مستقبل الأمة المحمدية .. فرسول الله صلى الله عليه وسلم استيقن بتكريم الله له وبأنه لن يتخلى عن نصره ، أما أصحابه فقد كان هذا الحادث الخطير امتحانا فاز فيه من أراد الله له السعادة فثبت على الحق وصدق بأخبار السماء وعلم أن الله شديد القوى يفعل ما يشاء ، وأما الأمة المحمدية فقد سعدت بفريضة الصلاة التى تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى ، والتى هى صلة بين العبد وربه ، كما علمت الأمة بما رأى الرسول الكريم فى رحلته ما أعده الله للطائعين من نعيم ، وما أعده للعاصين من أنكال وجحيم .
وعن هذه الرحلة العظيمة يقول شاعرنا :
ســــبحان من بالنور قد أســـرى
فى رحلــة صـــــــارت له نصــــــرا
أســـــــرى به الرحمــن ترضيــــة
وأراه من آيـــــــــاته الكبــــرى
فهو الذى أحـــزانه اشـــــــتعلت
وبـدت عليــــه همـــومه الحــــرّى
فخديجة الســــــلوى قد ارتحلت
وهـى التى كــــانت له ذُخــــــــرا
والعم مـــــات وكــــان ينصـــره
ضـــد العـــــدا ويهــــون الأمــــرا
و"ثقيف" قد رفضت شـــريعته
لما أتـــــاها بالهـــــدى نهـــــــرا
فى عتمة الليــــل البهيـم مضى
فوق "البراق" يحقق البشـــــرى
فى (القدس) حط الركب مبتهجا
والأنبيــــــاء تجمـــعت فخــــــرا
وائتمت الرُســـل الكـــــــرام به
فى حضـــرة زادت بـــــــه ســـحرا
ومضى ببحر النـــــــور منفردا
من ذا يساوى المصطفى قدرا ؟
وهناك فى ساح الرضا سكنت
منه الشجون وأشـــرقت بشرا
حيـــاه رب العــرش مكــــــرمة
سبـــــحان من بحبيبـــه أدرى
صلى عليــــك الله يا قمــــــــرا
غمرَ الوجود وأســـعد الدهـــرا
ويذكر المؤرخون أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بعد أن ظل المسلمون يستقبلون بيت المقدس شهورا منذ هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .. كان فى ليلة النصف من شهر شعبان .
ولقد كان تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة إيذانا بوحدة العرب وفتح مكة تحت راية التوحيد الذى دعا إليه الإسلام ، وكان ذلك باكورة الوحدة الشاملة بين المسلمين .
وفى قصيدة بعنوان " قَلّبْ لحاظك فى السماء" يقول شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى :
يا شهر شـــعبان العظيـــم تحيـــة
بك ذكريات المصطفى وســــــــناها
فى النصف منك تحققت أغلى المنى
ســـعد الفـــؤاد بأمــــرها وصــــــداها
هذى دروس الذكــــريات نســـوقها
والذكريـــــات تمد من يرعـــــــاها
أما شهر رمضان ففيه نزل القرآن الكريم فى ليلة القدر ، التى هى خير من ألف شهر ، وحقق المسلمون فى هذا الشهر الكريم العديد من الانتصارات والفتوحات ، وفى قصيدة بعنوان نفحات رمضانية يقول شاعرنا :
رمضان أقبل فالوجـــــود ضيــاءُ
وشـــذى التراحــم للحيــاةِ رداءُ
ما إن أهــلَّ على الربوع هــلالـــهُ
حتى ســرى فى العلمين نقــــاءُ
والعفو والرحمـات فجّ عبيرهــا
والعتق والنفحات والأشـــــذاءُ
ويقول فى ذات القصيدة :
رمضان أقبل يا خــلائق فاغنموا
فصلاً من الأيـــام فيه شــــــــفاءُ
واستقبِلوه بما يليق بفضـــلهِ
فالشهر نور فى المدى وضيـــــاءُ
وترقبوا الخيرات آخر عشــــــرةٍ
حتى تناولوا العتق يا ســــعداء
فى ليلة القدر التى قد بوركـت
هــى ليــــلة ســـينالها الفضـــلاء
وفى قصيدة رمضانية أخرى بعنوان " رمضان يا عُرس الصيام" يقول شاعرنا أيضاً :
يا أيها الضيف الكريم على المدى
شــــرف الضيـــافة أننا الخُــــــدام
إن كنت تأتـــى كل عــــــام مــرةٍ
فلقد أضــأت على المدى الأعــــوام
وبعد شهر رمضان يأتى عيد الفطر .. يوم السرور العام بين جموع الذين يدينون بالإسلام فى أى أرض أقاموا وبأى لسان تكلموا ، وهذا اليوم يسمى فى السماء يوم " الجائزة وفى هذا الصدد يقول شاعرنا فى قصيدة بعنوان "همسة فى يوم العيد" :
أهلا بعيد الفطر بعد صيـــام
أهلا بيــوم مُشــــرقٍ بســـــامِ
عيدُ أهّــلَ علــــى القلوب هلاله
وبدا على الأثـــواب والآكــامِ
طوبى لمن صلى وصــاما طهارة
طوبى لمن يسعى إلى الأيتامِ
فالعيد يدعو المسلمين ليلتقوا
بالخير بالإيــمان بالترحــــامِ
والعيد يدعــو أن نكون كحائط
لا أن نؤيـــــــد دعــــوة الإهــــدام
والعيد يدعو أن نزور مقـــــاطعاً
وعلى الخصوص تواصل الأرحـــــــام
من كل أعمـــاقى ونفسى همســة
غلفّتها بتحيـــــــــة وســــلام
وعندما يأتى شهر ذو الحجة تموج أشواق شاعرنا إلى البيت العتيق ، ويهيم قلبه مع جموع الحجيج ، وفـى ذلك يقول فى قصيدة بعنوان " يا رب بلغنا العتيق " :
فى كل عام والحجيــــج أزفهم
قلبى يهيم مع المُنــى ويفيقُ
من ذا سواك يُحـقّ آمـــال الرؤى
وإلى الحجاز يشدنى ويســوق ؟
العمر يمضى والنضارة تنقضــى
لكن حلمى فى الضلوع بريــــق
وفى قصيدة أخرى نلمح هذا الشوق الجارف لشاعرنا لأداء فريضة الحج حيث يقول فى قصيدة بعنوان " أشواق إلى البيت العتيق " :
النــــاس تذهــب كل عـــــام مــرة
وأنا هنـــاك على الــدوام أُحلــــــقُ
أحيا طوافــا عابــــقا ومُسـرمــــداً
والـــروح فى ألــق الســنا تتــعلقُ
يا رب إنــى قد ســعيت برؤيــــةٍ
هل يا تُرى تلك الــــرؤى تتحقق؟
وعن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. القرآن الكريم دستور المسلمين وأنيس المؤمنين يقول شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى فى قصيدة بعنوان " من فيوضات القرآن الكريم " :
يا أيــها القـــرآن يا نور القلــوبْ
يا منقذ الأكوان من هول الخطوب
يا سر معجزة السنا – طه الحبيب
إن الطريق بغير حرفك ظُلمـــةُ
والعمر وهمُُ – لا محالة – والدروبْ
هذا القرآن العظيم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يبلى على كثرة الرد ، ولا تنتهى عجائبه ، ومدة ما نزل من القرآن فى مكة (12) سنة ، و ( 5 ) أشهر ، و ( 13 ) يوما ، ومدة نزوله فى المدينة ( 9 ) سنوات ، و ( 9 ) أشهر ، و ( 9 ) أيام ، فيا سعد من حفظه أو تلاه ، وفى قصيدة بعنوان ( فى ربى الفرقان ) يقول شاعرنا حول هذا المعنى :
يا حظّ من حفظ الكتاب بقلبـه
يا ســــعده بتـــلاوة القـــــرآن
يلْقىَ من المولى الكريم وصاله
ويفوز بالفردوس والرضــوان
وننتقل إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، أول من أسلم من الرجال وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل شئ ، وصحبه فى الهجرة النبوية الشريفة ولم يتركه قط فى الغزوات .
وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين حيث تولى الخلافة عام 632 حتى 634 م ، وفى قصيدة بعنوان " صديقية " يقول شاعرنا :
إنا لنورك يا صديـــــــقُ نســـــــتبقُ
يزهو اليُراع بنا والحِبــــــر والــورقُ
شـــوق لعهــدك يســـرى فى جوانحنا
والكل فى شرف الأمجــــــــاد يسـتبقُ
دخلت فى الســــلم أول الأُولـــــى دخلوا
والســـلم بــــاقٍ وأما الكفر ينســـحق
يا صـــاحب المصطفــى إليــــك معــذرةً
أخشـــى جـــوادى بالأشــــعار ينــــزلقُ
يا من خرجت مع الحبيــــب تصحبــــــهُ
إلى المديـــنة فانســــابت له الطــرق
يا أول الخلفــــاء الرُشـــد عن ثقـــــــةٍ
يا خيرة المصطفى والكل قد وثقـــوا
دوَّنتَ حرف الهدى تخشى إضــــــــاعته
من صدر من حفظوا من فكرمن نطقوا
خطــاك يا أيـــــها الصديــق باقيــــةُ
وكيف تمحى خطا بالفكــــــر تلتصـقُ
أما عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقد تولى الخلافة بعد وفاة أبى بكر الصديق رضى الله عنه حيث تولى الخلافة عام 634 حتى 644 وعرف بالعدل والفراسة والقوة فى الحق ، وفى قصيدة بعنوان " لمثلك اليوم يا فاروق نفتقر " يقول شاعرنا :
يا ثــانى الخلفـــــاء الرشد عن ثقة
الظلم طــام وصـــوت الحــــق ينحسر
أحفادك اليوم يا فـــــاروق فى مزقٍ
هلا استفاقوا وضموا الصف يا عُمرُ ؟
يا واحة العــــدل والترحـــام معذرةً
لمثلك اليوم يا فـــــــــاروق نفتقرُ
ولم ينس شاعرنا حفيد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " الحسين بن على " ابن فاطمة الزهراء ، ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد عاش الإمام "الحسين بن على " سبعا وخمسين سنة وخاض معارك ضارية فى كربلاء بالعراق ضد الباغية "يزيد بن معاوية " وطائفته ، وظل يقاتل حتى سقط شهيداً فى اليوم العاشر من شهر المحرم فى السنة الستين من الهجرة ، وحول ذلك يقول شاعرنا "رفعت عبد الوهاب المرصفى " فى قصيدة بعنوان " يا سيد الشهداء " :
وصمدتَّ وحدك يا بطلْ
وضربت أروع من مثلْ
وتهيّب الفرسان حولك
فى انبهار
حتى
سقطتَّ على الثرى
فرْويتهُ
نوراً ونار
يا سيد الشهداء
يا وجه النهار
سالت دماؤك فى البرارى
والقفار
فاخضرّ وجه الكون
من ألق الوقارْ
وفى كثير من القصائد نجد شاعرنا يناجى رب العزة عز وجل ويبتهل إليه سبحانه وتعالى ، ففى قصيدة بعنوان " ألا بذكر تطمئن القلوب " يقول :
رباه – غوثــــــا من زمان مقفر
تاهت على درب الوجود خطاه
وفى قصيدة بعنوان " فى معية الله " يقول :
يا رب روحى أشــــرقتْ
بالتوب أفعـالا و نيـةْ
فافتح رحـابك للـــذى
ترك الخليلة والصبيةْ
ورمى ثِقال همــــــــومه
خلف الحدود الدنيويةْ
وآتاك يجرى هــــــــرولا
تحدوه آمـــــال نديــة
ويقول فى قصيدة بعنوان " من لى سواك " :
يا رب لى بيـــن الجـــوانح علـــةُ
حــار الطبيب وصــــادفته همومُ
آتٍ إليـــك وبالذنـــــوب مُحَمـــلُُ
ولَــــدىَّ وعدُ بالقبــول عظيـــم
فّرِج كروب المسلمين وكربتى
أنت الـــذى بالمؤمنين رحيـــــم
وفى قصيدة أخرى بعنوان "قصدت بابك" يقول شاعرنا أيضاً :
يا رب ضاقت بى الأســــباب والسُــبلُ
إلا بعفــــوك يا قيـــــــــوم أئتمـــــلُ
من ذا ســــواك بروح الصفح يشملنى
باب الغنى لكل الســـــؤل يحتمل ؟
ويقول فى قصيدة بعنوان " يا رب " :
يـــا رب – حمــداً من عصـــىٍّ عــائدٍ
عرف الحقيــقة – حســها بوضوح
يا رب – إنى قد رأيتُ بشـــــــارة
حين التجأت لبـابك المفتــــوح
وفى قصيدة أخرى بعنوان " يارب " يقول شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى :
يا رب – مـــا لــــــى فــــــى المدى إلاكا
وأنا المتّيـــم فـــــى رحــــــاب هــواكا
سكن اللسان بذكر حرفـك وانتشى
خفـــق الفـــؤاد وذاب فـــى نجــــواكا
والنفس عاشت فى نعيـــم صفائـــها
حين اطمــــأنت تحـــــــت عز رضـــاكا
ربـــاه – هـــاجت فى الحيــــــاة ظلائم
فَامنُنْ علينا من فيــــــــوض ضيــاكا
درب الحيــــــاة بغير هديــك محنـــةُ
كيف المسـير إذا الفؤاد عصـــاكا ؟
وفى قصيدة بعنوان " تسابيح " يقول شاعرنا :
سبحـــــانك اللهــــم أنــت المقتدرْ
سبحـــــانك اللهــــم خيرك منهمرْ
يا رازق الأطيار فى جـــوف الشجــــرْ
يا رازق الديـــدان فى بطن الحجــــرْ
يا عالم الأســــرار فــى كفِّ القـــدر
أصبو إليــــك برجفة أرجـــــو المفـرْ
_____
كتاب ( رؤى إبداعية فى شعر رفعت المرصفى )
الأديب الكاتب ( إبراهيم خليل إبراهيم )
الطبعة الثانية _ رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق القومية المصرية 13041 /2008