من المسلم به أن المدرسة ليست مؤسسة تعليمية فقط وإنما هي مؤسسة تربوية تعليمية لها وظائفها الاجتماعية الهامة ، ومن الضروري أن يتم التفاعل بينها وبين المجتمع المحلي ، فهي جزء لا يتجزأ من واقع هذا المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه وتعد أفراده للحياة وللمساهمة الإيجابية في تنميته .
والخدمة الاجتماعية المدرسية رسالة تربوية قبل أن تكون مهنة وتقوم على :
1. مساعدة الطالب – كحالة فردية وكعضو يعيش في المجتمع – لتحقيق النمو المتوازن المتكامل الشخصية ، والاستفادة من الخبرة التعليمية إلى أقصى حد ممكن ، وهي بذلك أداة لتنمية الطالب وحرامة والمجتمع .
2. تنشئة الطالب اجتماعياً وتدريبه على الحياة والتعامل الإنساني الإيجابي .
3. تزويد الطالب بالخبرات والجوانب المعرفية لإعداده لحياة اجتماعية أفضل .
4. تعديل سلوكه وإكسابه القدرة على التوافق الاجتماعي السوي .
5. مساعدة الطالب للتعرف على استعداداته وقدراته وميوله وتنميتها والاستفادة منها لأقصى حد ممكن .
6. التكامل مع المجتمع من أجل استثمار الطاقات البشرية المتاحة وحفزها على العمل البناء ، وربط الطالب بالبيئة المحلية بما يحقق الرفاهية الاجتماعية .
وبهذا المعنى تكون الخدمة الاجتماعية المدرسية جانباً أساسياً محورياً في الوظيفة التربوية التعليمية للمدرسة .
خصائص وسمات ومتطلبات المرحلة الثانوية
المرحلة الثانوية تمتد من الخامسة عشر حتى الثامنة عشر وهي مرحلة مراهقة متوسطة ، ولها بعض السمات والخصائص التي تظهر على الطلاب في هذه المرحلة تتصل بالقدرات الجسمية والقدرات الذهنية والقدرات العاطفية ..
فمن ناحية القدرات الجسمية فإن سرعة نمو المراهق تقل عن ذي قبل وتزداد القدرة على التحكم في العضلات والأعصاب حتى يكتمل النمو في السابعة عشر ويصبح كل من الجنسين على استعداد للزواج من الناحية الجسمية ولكن هذا يقابل استحالة من الناحية المادية ، ويصبح المراهق قادراً على تكون العادات الصحية السليمة مع استمرار احتياجه إلى كثير من الطعام والنوم ، وكثيراً ما يلجأ إلى أحلام اليقظة ، وتظهر عليه علامات القلق والتوتر النفسي ويصبح غير قادر على فهم وجهات نظر الكبار ويضيق صدره بنصائحهم ولذلك نجده في هذه المرحلة يتجه إلى شلة الأصدقاء وتقوي علاقاته بهم لإحساسه بأنهم يتكلمون لغته ويتفهمون مشاعره وعندئذٍ يشعر بينهم بالاستقلالية والحرية ..
أما من ناحية القدرات العقلية فالطالب تزداد قدرته على الاستفادة من الناحية التعليمية مع زيادة المقدرة على العمليات العقلية مثل التخيل والتفكير ، كما يتصف بالفضول وحب الاستطلاع ويكوّن فلسفة خاصة به. ولكن طلاب هذه المرحلة يتصفون بالطموح الكبير الذي يكون في أغلب الأحيان فوق طاقتهم ويظهر لديهم الولاء للمبادئ والمثل العليا مع الرغبة في الاختلاط بالآخرين ويظهر لديهم الرغبة في التأكد من صحة المعتقدات كما يميلون إلى الحرية الذهنية ويحتاجون إلى بعض الإرشاد في كيفية استعمالها ، ويميلون إلى المعلومات الدقيقة التي يحاولون الحصول عليها من المصادر الموثوق بها ، ولذلك تعد هذه المرحلة مرحلة يقظة عقلية .
وعن القدرات العاطفية فالحرية العاطفية يتم تكوينها في هذه المرحلة حيث يميل المراهق إلى تكون علاقات مع الجنس الآخر ، وتأخذ الشخصية طريقها إلى النمو والتكامل ، ويصبح الطالب قادراً على تكوين العلاقات وقادراً على اتخاذ القرارات ، وتتكون الآراء المهنية والمعتقدات الدينية ويصبح لديه الإحساس بالترابط الوثيق بعد أن تكون لديه القدرة على الرقابة الذاتية القوية . لذلك نجد طالب هذه المرحلة يمر بمرحلة صراع بين هذه التغيرات الجديدة والاتجاهات التي يتأثر بها في مدرسته وبين سلطان الأسرة الذي لا يعترف بهذه التغيرات والاتجاهات الجديدة ، ويترتب على ذلك نوع من التنافر بين الطالب وأسرته التي لا تعترف بحقوقه والتي تحد من حريته وتقلل من شأنه وتنهاه عن أمور لا يقتنع بها ، وتطالبه الأخذ بسلوك معين لا يتفق مع الظروف الاجتماعية الحديثة التي يعيش فيها ..
أما القدرات الاجتماعية التي تميز هذه المرحلة فأهمها رغبة الطالب واهتمامه بإثبات رجولته بشكل قد يفسر بأنه ميل للتحرر من سلطة الكبار الذين يصفهم المراهق دائماً بأنهم لا يفهمونه ، ولذلك لا يميل إلى توجيهاتهم ولا يأخذ بها إلا بما يقتنع به بعد عدة مناقشات كبيرة فقد بدأ يشعر بذاته ويبحث عن حريته واستقلاله .
دور الأختصاصي الاجتماعي في المرحلة الثانوية
الخدمة الاجتماعية المدرسية تهتم اهتماماً كبيراً بتحقيق ما يسمى ( بالمراهقة المتوافقة ) أي رعايـة المراهق ومساعدته لتحقيق توازنه الاجتماعي واستقراره النفسي ، بحيث يعبر هذه المرحلة الخطيرة وقد خلا سلوكه من التوتر الانفعالي الحاد ، مما يساعد على التوافق مع بيئته في الأسرة أو المدرسة أو النادي وغيرها من حرامات توافقاً سوياً يتمكن فيه من اكتساب الخبرات الدراسية والمهارات الاجتماعية .
ونوجز أدوار الاختصاصي الاجتماعي من خلال ثلاث جوانب رئيسية في صورة خدمات كالتالي :
i. الخدمات الإنمائية :
عندما يقدم الاختصاصي الاجتماعي المدرسي خدماته الإنمائية لطلاب المرحلة الثانوية فإنه يسعى إلى إنماء الشخصية التي تساعدهم على التوافق مع المجتمع وذلك بمساعدتهم على فهم أنفسهم ومعرفة قدراتهم وإمكانياتهم وميولهم الحقيقية لأنهم في أمسِّ الحاجة إلى معرفة ما إذا كان لديهم الذكاء والمهارات الخاصة والميول الضرورية لتعلم مهنة من المهن والتقدم فيها وبعد ذلك يساعدهم على إنمائها واستثمارها ثم يتجه كل منهم الاتجاه الذي يناسب ميوله واتجاهاته وقدراته ، وبذلك يخطوا خطوات نحـو النضج ويضع أقدامه على طريق البناء والإنماء ، وإذا طلب النصيحة يقدمهـا له ، ثم ينمي لديهم الاتجاه نحو الاستقلال والحرية عن طريق اشتراكهم في أنشطة يتحملون فيها مسؤوليات تناسب قدراتهم وإمكانياتهم حتى ينمي ثقتهم بأنفسهم وينمي قدراتهم على التوافق مع متطلبات الحياة فيتكيفون مع ذواتهم ومع الآخرين وبذلك يعدهم للاستقلال عن الأسرة لأعدادهم للزواج وتكوين أسر جديدة .
وبذلك يحي الأمل فيهم ويساعدهم على النجاح والعمل ، حيث أن أعظم شيء يعيد للمراهق شعوره بقيمته وينمي ثقته بنفسه هو الشعور بالنجاح ، وإن ما يضعف هذا الشعور هو الفشل المتكرر ، وإذا ما ساعدهم على النجاح في مواجهة مشكلاتهم في الأسرة والمدرسة وفيما بينهم ، فإنه يساعدهم على بناء ثقتهم في أنفسهم ، وإنماء الثقة من ضروريات إنماء الشخصية .
ii. الخدمات الوقائية :
نظراً لأن الوقاية خير من العلاج فالاختصاصي الاجتماعي يهتم بتقديم خدماته الوقائية لطلاب هذه المرحلة حتى يجنبهم التعرض والوقوع في كثير من المشكلات ، عن طريق الأنشطة والبرامج التي تحقق هذه الأهداف ، وهناك الكثير من الأنشطة والبرامج التي يستغلها الاختصاصي الاجتماعي لتحقيق أهدافه كإشراك الطلاب في الأنشطة الاجتماعية ذات الطابع المجتمعي كالمعسكرات والمشروعات البيئية وخدمة المجتمع مما يؤدي إلى ارتباط الطالب بمجتمعه ليشعر بقيمته ويتعود على توصيف أدواره ومكانته المجتمعية وشعوره بذاته وتحمل المسؤولية .
iii. الخدمات العلاجية
فالاختصاصي الاجتماعي يعمل على إتاحة الفرصة لطلاب هذه المرحلـة ليعبروا عن مشكلاتهم وذلك عندما ينصت إليهم بوعي ، لأن المراهقون يحتاجون إلى من ينصت إليهم بوعي ويتفهم مشكلاتهم وعندئذ يعبرون عنها ويفكرون معه فيها بصورة واقعية بدلاً من الهروب منها والالتجاء إلى الخيال وأحلام اليقظة وبدلاً من أن يشعر المراهق بأن الكبار لا يفهمونه ويفقد الثقة فيهم ويبتعد عنهم ، ولكن الاختصاصي الاجتماعي يقدم له صورة أخرى من الكبار الذين ينصتون إليه بعطف واهتمام ويبتعدون عن إدانته أو لومه وبذلك يستعيد الثقة فيهم ويعبر لهم عن مشكلاته ، ثم يتيح الاختصاصي الاجتماعي الماهر الفرصة لهذا الطالب ليشارك في المناقشات حرامية مع مجموعة من الطلاب مثله ، وتدور هذه المناقشات حول مشكلاتهم المتشابهة وهو بجانبهم يشجعهم تارة ويستثيرهم تارة أخرى حتى يعبروا عن مزيد من مشاعرهم الخاصة وهنا يشعرون بالراحة والطمأنينة ويجد الاختصاصي الاجتماعي الفرصة للتعرف على المشكلات المتشابهة ويساعدهم على مواجهتها وعلاجها .
ومن هنا تبدو أهمية الخدمة الاجتماعية في المدرسة لتحقيق أهدافها عندما يقوم الاختصاصي الاجتماعي المدرسي بأدواره المتكاملة في تقديم الخدمات الإنمائية والوقائية والعلاجية على النحو الذي أوضحناه في المراحل المختلفة مع تعديل وتطوير ما يلزم تطويره ، بما يتفق واحتياجات وظروف الطلاب في كل مرحلة .
((الفكرة))
تولدت الفكرة في العام 2002/2003م عندما ورد إلى المدرسة كتاب قطاع الأنشطة يحمل مشروع الحملة الوطنية لمكافحة التدخين الذي اطلقته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام بالدولة والذي تولى متابعته وزارتي الصحة والتربية والتعليم.
وتزامن ذلك مع اصابة معلم فاضل بالمدرسة يحبه جميع الطلاب بمرض سرطان الرئة نتيجة التدخين بشراهة وظل المسكين يصارع المرض شهور قليلة توفى بعدها رحمه الله، تاركاً وصيته لأبنائه بالابتعاد النهائي عن السيجارة ، محذراً من العواقب الوخيمة لمن زلت قدماه ووقع في براثن الأدمان للسيجارة اللعينة.
كانت جهود متفرقة تبذل مع الطلاب المدخنين الذين يتم ضبطهم يدخنون بالحمامات أو
خارج أسوار المدرسة ، ولكن طبيعة المرحلة السنية الرافضة للسلطة تعوق نجاح كل الجهود .
لذا كان من الأفضل أن ندعو الطلاب الراغبين في الإقلاع عن التدخين بتسجيل أسمائهم لدى الاختصاصي الاجتماعي بعد ان تم تنفيذ برنامج توجيهي قام به فريق عمل من الاختصاصيان الاجتماعيان وعدد من المعلمين المدخنين وطلاب تخرجوا من المدرسة وكانوا يدخنون بالإضافة إلى طبيب الصحة المدرسية وممرض المدرسة والاختصاصي النفسي ،وكانت البداية في العام 2003/2004م بتنفيذ الاسبوع الاجتماعي بعنوان (( معاً ضد التدخين ))تناول محاضرات وعرض أفلام تثقيفية عب أضرار التدخين والأعراض المرضية التي تظهر على المدخن في مراحله الأولى ثم تتفاقم لتصل إلى الأمراض الخطيرة كالسرطان....ألخ.
((البداية))
كانت البداية الحقيقية لنجاح المشروع عندما توافد عدد من الطلاب على مكتب الخدمة الاجتماعية وتحدثوا عن رغبتهم الصادقة في الاقلاع عن التدخين ، وبالفعل تم تزويدهم بأوراق ومطويات بها ألية الإقلاع عن التدخين ومراحل خمسة تحملها مطوية الحملة الوطنية لمكافحة التدخين يتبعها المدخن لمساعدته على الإقلاع ،وتم خضوعهم لبرنامج كشف طبي دوري بمساعدة الطبيب والممرض على النحو التالي:
استمارة متابعة أعضاء جماعة الإقلاع عن التدخين
م اسم الطالب الصف تاريخ المتابعة الإجراءات
نبض القلب حالة الصدر ضغط الدم