ابراهيم خليل عضو مميز
عدد المساهمات : 80 نقاط : 134 تاريخ التسجيل : 17/01/2010
| موضوع: الوفاء فى شعر رفعت المرصفى الأحد 17 يناير 2010 - 10:51 | |
| الوفاء فضيلة عظيمة تنبئ عن طهارة النفس وسموّها ، ومن خلال رصدى لإبداعات شاعرنا الكبير رفعت عبد الوهاب المرصفى وجدت اهتمامه بالوفاء الذى يحمله ويؤكده قولا وفعلاً ، والبداية تبدأ من " مرصفا " المبتدا والمنتهى - مركز بنها – بمحافظة القليوبية .. حيث ولد شاعرنا بها وتعلم فى كتابها ومدارسها ، وفى هذا الصدد يقول شاعرنا : كُتاب صحيح لكنه فاق المدرسةْ قدّم كتير أجيال عظيمة اتعلمتْ واتأدبتْ / واتأزهرت بين العلوم والهندسةْ والعِمة تاج فوق رؤوس الطيبين صبح ومسا ولم ينس شاعرنا .. الحاج أنور الذى كان أقرب الجيران لمنزل شاعرنا بمرصفا وأطيبهم ، ولم ينس أيضاً مسجد سيدى عبد العزيز أحد المساجد القديمة بمرصفا والمجاور لمنزل شاعرنا من الجهة الخلفية ولذلك نجده يقول فى لمحة وفاء خالدة : والحاج أنور أطيب ما فى كل الجيران أحلف بأنغام الأدان اللى كان جوّه دارنا أصل دارنا كان فاصلها عن جامعنا خطوتين أو تلاته بالتمام وهو جامع سيّدى عبد العزيز لسّاه عزيز لسّاه قريب من قلوب الموجودين لسّانى شايف صورة أبويا ويا سيدى بين جموع الساجدين لسانى باحرص على الصلاة فى نفس المكان لما بتحضنى البلد من حين لحين ومن الشخصيات التى ما زالت بذاكرة شاعرنا .. العم حجاجى والخال يوسف والخال النـادى .... وعن عــم حجــاجى وفـاءً لــه يقول : عم حجاجى دفتر المواليد حِداه دفتر الوفيات حِداه دفتر التواريخ حِداه كان لوحده سجل مدنى بكل معنى فى الحياه ويقول شاعرنا عن خاله يوسف : خالى يوسف كان يصلى الفجر حاضر كل يوم الدنيا ضلمة الدنيا عوصة الدنيا بردْ لو بتنطر حتى تلجْ خالى يوسف كان يصلى الفجر حاضر كل يوم كنت ديما بابقى نايم بس ودنى اتعودت تسمع أدان الفجر من صوت خطوته فوق السلالم وامتدادا لوفاء شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى كان وفاؤه الأعظم لأهل قريته فقد أسس صالونه الثقافى بمنزله بمرصفا ، وذلك منذ شهر يناير لعام 2003 تعقد فيه الندوات الثقافية ويستضيف كبار الشعراء والأدباء والمثقفين والموهوبين وعشاق الكلمة فى الخميس الأول من كل شهر .. هذا بالإضافة إلى اهتمام الصالون الثقافى بإصدار الدواوين الشعرية والكتب الأدبية لرواده ، وهذا أمر يجب أن نشيد به فى زمن يعانى منه المبدع من تكاليف الطباعة وصعوباتها ونكاد نسمع خفقات قلب شاعرنا عشقاً ووفاءً دائما متوهجاً لمرصفا .. فى قوله : آه يا مرصفا آه يا موطنى المبتدا .... والمنتهى ما زلت أغنيكِ شوقا على خفقات المدى والمدى .. موال البداية منتثرُُ فوق أوتار أشجارك المُلتقى نغماتٍ نشاوى ما زلت أسقيه لحن الإياب المراوغ أسكبهُ فى الوريد حجابا أتلوه ورِداً فى صدر السنوات العجاف آه يا موطنى المبتدا موطنى المُنتهى وينطلق شاعرنا من وفائه لوطنه الأصغر مرصفا إلى وفائه لوطنه الأكبر مصر فيقول : بحبك يا مصر – بحبك بجدْ بحبك وخوفى عليكى أشدْ ومهما بشرّق ومهما بغرّبْ بشد الخطاوى إليكى وامِدْ يا ساكنة فى ملامحى ولونى اللى قمحى..... ويقول فى قصيدة بعنوان "جذور مصرية " : شـــرّقت أو غرّبـــت إنــى من هنــا مصـرُ الهوية والبقية والســـــنا النيل يجرى فى عروقــــــى سلسـلا ويفيض حبا فى شرايين الدُنــا وإذا انتقلنا إلى ملمح آخر نجد شاعرنا مثال للابن البار بوالديه فها هو يهدى قصيدة بعنوان " مقاطع من كتاب الجذور" إلى روح والده الذى انتقل إلى جوار ربه فى ديسمبر عام 1991م ونذكر منها: الجذر لا يميته التراب ولا يعوق طرحه الكفن لكنه يموج فى عطائه فيستجدْ يا أيها الجِذر الوتدْ أنا بدايتكْ ولست مُنتهاكْ وفى قصيدة أخرى بعنوان " العصافير وحكايا الجذور " التى يهديها أيضاً إلى روح والده نجده يقول ما زلت معى / تتأبطنى وتحاور ظنى أتطهر / فى نفح شذاك وفى طرح رؤاك / وأبرأ منى ما زلت معى / تتخللنى وتحط سناك على كتفى وأما عن والدته فيهديها أحد دواوينه وهو " قراءة فى كتاب الفطرة " قائلاً لها إلى أمى التى علمتنى بفطرتها ما يعجز عنه أعظم الأساتذة" .. والجدير بالذكر أن والدة الشاعر رفعت عبد الوهاب المرصفى هى التى تقوم بالإعداد لصالونه الثقافى الشهرى بمنزله بقرية مرصفا وتحيط بكرمها ورعايتها كل رواد الصالون الذين يعرفونها جيداً .. ولكم أهداها شاعرنا البار العديد من نبضاته الشعرية ... فها هو يقول : دعينى بأفقك نجما يبوح يحلق فوق الروابى الفيافى السفوح يلملم فيض الصفاء النقاء الوضوح لأنك أمى لأنى الطروح دعينى أحبك / كى أستريح وفى قصيدة بعنوان " الحروف السوداء" نجد شاعرنا يهديها إلى روح شقيقته " هدى" التى رحلت إلى بارئها أثناء وضعها لحملها الأول فى شهر يناير من عام 1985م فيقول : ويا أختاه معذرةً فكل الشعر لا يكفى وتلك حروفى السوداء ما كفت عن الرفِّ ونار البين تعصف بى فأُحرقُ من لظى العصف فهل يا دمـــــــــــــع ترجعها وهل يا حزن .. هل تشفى ؟ ويمتد وفاء شاعرنا إلى أسرته .. فها هو يهدى إلى زوجته قصيدة بعنوان " يا زهرة النور الوريف " ونذكر منها : إنى اصطفيتك من نســـاء زمانى وهواك يفرش بالرؤى وجـــــدانى قلبى لديكِ و فى سمائك زهرتـى وشذى هواك يموج فى شـُــريانى قلمى تألَّق فى البيــــــان وسـحره منذ افتتنتُ بســـحرك الفتــان والكون أشرق من فيوض محبتى فالحب نور وائتلاق معــــــــــــانى وعندما رُزِق شاعرنا بمولوده الأول محمد فى الحادى عشر من شهر مارس عام 1986 قال عنه : نــور بعمــــرى قد بـدا نــــدّى الحيـــــاة ورغّـــــدا وشدتْ بلابـل مهجتـــى والعمــــر فـــــــيّ تجـــــددا والشمس–غاب لهيبها والزهـــــر – قبّله النـــــدى هِبـةُ من اللــه الـــــــذى لبى دعـــــائى والنِّــــــــــدا فاحفظهُ ربى وارعــــــه واكتبه عندك مُســـعدا ويقول لابنته شروق : مُدى يديك بكأس الشروق وهاتى بوجهك نحو العروق لتبقى الحياة ونجد شاعرنا وضع اسمها عنوانا لأحد دواوينه .. وهو شروق والقمر ونذكر منه قوله على لسان شروق : لو أنى أصبح يوما قمرا لجعلت الكون يموج جمالا ما أروع أن تمحو فى الكون ظلاما أو تفتح للنور مجالا ولابنته عنان كتب تحت عنوان "أمنية عنان" حيث يقول على لسانها : لو أصبح يوما عصفورةْ فأحلق فوق المعمورة وأغنى فوق روابيها ألحان الفجر المشهورة وذات يوم من أيام عام 1990 سافر شاعرنا الكبير رفعت عبد الوهاب المرصفى بعيداً عن أسرته فهاجه الشوق إلى ابنته عنان فأبرق إليها بقصيدة نقطف منها الأسطر التالية : سافرت بالأمس الأخير بُنيّتى وتركت عندك فرحتى وكعادتى قبّلتكِ / ودعّتكِ ونثرت فى الدنيا بقايا قبلتى ثم يقول : أَبُنيتى ضحكاتك المتعانقات تشق جُدران الهموم وتنثر البسمات فى أرض الجهوم وتسكب الأفراح فى الزمن العَتىْ ألقيت نفسى للطريق لغربتى أفرى أنينى فى حنايا مهجتى أستعطف الأقدام أن تمشى معى وأهدهد الأحزان بين أضالعى وأسربل الدمع الجموح بمقلتى والشاعر رفعت عبد الوهاب المرصفى كتب أيضا العديد من القصائد التى تفوح بعبق الوفاء لعدد من الشخصيات الأصيلة فى الوسط الأدبى والفنى والثقافى .. فها هو يقول عن الشاعر الراحل طاهر أبو فاشا الذى قدم للمكتبة العربية ستة دواوين شعرية هى : "صورة الشباب – الأشواك – القيثارة السارية – راهب الليل – الليالى – دموع لا تجف " وقد شدت كوكب الشرق " أم كلثوم " رحمها الله بست قصائد من أشعاره ، كما كتب للإذاعة المصرية " ألف ليلة وليله – رابعة العدوية " وفى الثانى عشر من شهر مايو عام 1989 انتقل الشاعر الكبير " طاهر أبو فاشا " إلى الرفيق الأعلى ، وقد رثاه شاعرنا بقصيدة عنوانها "كأننى أراك بيننا " ونذكر منها : أُوّاه يا شيخ القصيدةْ كأننى أراك بيننا تباشر الطروح من مكانك السمىّ تمنح العذوبة اخضرارها وتكسب الخصوبة اكتمالها وتوقظ الجذور كى تبث نفحها كأننى أراك بيننا تعنف اللذين غررتهم الدروب بالخروج من حصانة الجذور بالجموح فى مجاهل التغرب الشريدةْ أواه يا شيخ القصيدةْ وعن ابن صناديد الشاعر الكبير عبد الله السيد شرف الذى كان حريصا على عقد صالونه شهريا بقريته "صناديد" مركز طنطا محافظة الغربية وكان يقصده كبار الشعراء والأدباء من كل أنحاء مصر ، ومنهم شاعرنا وعندما انتقل الشاعر " عبد الله السيد شرف " إلى الرفيق الأعلى رثاه الشاعر رفعت عبد الوهاب المرصفى بقصيدة عنوانها " الزهرة لا يدركها الموت " ونقطف منها : يا وجه صناديد / شرفُُ أنت وحرفاً صغت ونزفا كنت ومنك عرفنا لغة الطير وسر العمر المشهود يا من خلّدت حروفا / وطناً / نيلاً أمست بين ربوع الدنيا كوناً / بدراً / شعراً يتماوج فى كل فؤاد ووريد ما كنت قعيدا أبدا بل أنت نشيد يتألق فوق شراع الدنيا يتلألأ فوق الجرح وفوق الفرح / وفوق الطرح وفوق اللا محدود وإلى الشاعر السعودى الكبير الدكتور "عبد الرحمن صالح العشماوى الذى وصفه شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى " بأنه " ريحانة الشعر العربى وفارساً من فرسان الشعر الإسلامى " وأهداه قصيدة بعنوان " ريحانة الشعر " رداً وإعجاباً بقصيدته ريحانة القلب المنشورة بالعدد 171 من المجلة العربية السعودية نقطف منها هذه الأبيات: يا من صنعت من الأشـــــعار أسـلحةً قد يفعل الحرف أشيــاء من العجبِ فطيّب الشعــر ما جفــت منابـــــعهُ يروى القلوب على الأيــــام والحقبِ يا شاعرا ما همت فى ثغـــره لغــــةُُ إلا ومـــرّت لنـــــا فيــــــــاضة الأدبِ فقيمة الناس فى مغزى مشاربهم وقد شربت أصـــول الدين والكتبِ قد يكتــــب الشــــــعر آلاف مؤلفةُُ لكن مثلك يبقى شـــــــاعر العــربِ وعن الشاعر الكبير " فتحى سعيد" الذى ترأس تحرير مجلة " الشعر" وقدم للمكتبة العربية اثنا عشر ديوانا شعريا ، وسبع دراسات أدبية ، ومنحته جمهورية مصر العربية جائزة الدولة التشجيعية فى الشعر عام 1973م ، ووسام الفنون والآداب عام 1980 .. هذا الشاعر الكبير الذى أحب الشعر ووهبه الحياة ودافع عنه وجعل عنوان أحد دواوينه " إلا الشعر يا مولاى " فقد كتب شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى مرثية له عندما علم بنبأ وفاته فى الحادى والعشرين من شهر يناير عام 1989م ونقطف منها : نم يا سعيد ودع همومك تنعمُ إن الرجـــوع إلى الحقيـــقة أسلمُ صمت القصيد عليك حُزنا وانزوى فالشعر يصـــمت مثلــما يتكــلمُ ونمت زهور الحزن فى كل المــدى وانساب دمع بالعيـــــون يدمدمُ طرح المنابر قد توشّــح باللظـــى من دفق حزن بالضلــــوع يُســـممُ يا صحبة الأشـــــــعار إن عزائكم شعر سيبقى بالمـــــــدائن يحلمُ أما الموسيقار "محمد عبد الوهاب" أول صوت غنائى بعد أم كلثوم يغنى من إذاعة مصر عند افتتاح الإذاعة المصرية الحكومية عام 1934 ، وعاصر رؤساء مصر بداية من الملك فؤاد ثم الملك فاروق ثم محمد نجيب ثم جمال عبد الناصر ثم أنور السادات ثم محمد حسنى مبارك ، ويعد محمد عبد الوهاب من أكبر فنانى القرن العشرين فى مصر والعالم العربى ، وقالت عنه وكالة رويتر يعد الأب الشرعى للموسيقى العربية الحديثة فقد طور الموسيقى التقليدية العربية وغير نغماتها القصيرة ودعمها بأنماط غربية حيث أخرج مئات الأغانى العاطفية والوطنية التى لا تزال شعبيتها ليس لها نظير على مستوى العالم العربى . وعندما رحل الموسيقار محمد عبد الوهاب إلى الدار الآخرة فى الثالث من شهر مايو عام 1991م كتب شاعرنا قصيدة بعنوان " تبكيك الحروف الروابى " ونذكر منها : يا فيـــض نهر إلـــى أعمــــاقه ارتــــدا أرض الغنــــاء ارتوْت واغرورقـــت مـــدا كل القلوب الرمــــــال اعشوشبت نغما والفيض باق على وجــــه المــــــدى وردا طرح اللحون اللواتى منك قد سُـــكِبت تكفى الزمان التحاريق اللظى بــــــردا تبكى الحروف الروابى ليس عن عطشٍ لكنــــــه بعض حب منـــــك قـــــد مُــدا يا أيـــــها النهر إنا هـــــــزنا شــــــجنُ أصـــداؤه فى حِشـــــانا أنجبت رعــــــدا والكـــــون فى واحــــة الأنغام مندهشا ما قطع الكون أوتــــــارا ولا عهــــــــداً خــــــزائن العـــــزف بالألحـــــان عـــامرة من شــــاء منها فيوضا يقصد الــوردا وأخيراً .... كان هذا قليلا من كثير مما يمكن أن يرصد حول التجربة الشعرية الثرية لشاعر بحجم وقامة رفعت المرصفى أحد رموز الشعر فى العصر الحديث . _______ كتاب ( رؤى إبداعية فى شعر رفعت المرصفى ) الأديب الكاتب ( إبراهيم خليل إبراهيم ) الطبعة الثانية _ رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق القومية المصرية 13041 /2008 | |
|