السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير من الآباء قد يقلل من أهمية هذا الدفء الأسري ، ويرى أنه نوع من الترف الزائد عن الحد ، إلا أن النتيجة لن تكون طبيعية ، فأفراد الأسرة يشعرون بصعوبة في الاقتراب من والديهم أو الالتصاق بهم، كما يشكون في إمكانية الحوار معهم فيما يواجههم من مشكلات وضغوط، سواء في حياتهم الدراسية أو النفسية أو الاجتماعية.
فــــــارق العمر
وعندما تنشأ المشكلات وتبدو على الأبناء سلوكيات لم تكن في الحسبان يتسرع الآباء في الحكم على أبنائهم وتتسع بذلك الهوة بين الطرفين فيرى الآباء أن أبناءهم في سن المراهقة يتضخم إحساسهم بذاتهم ويسرفون في الشعور باختلاف الثقافة والميول بينهم وبين آبائهم .
آباء آخرون يرون أن الأفضل هو ترك أبنائهم يخوضون حياتهم بأنفسهم؛ لأن التدليل يحرم الأبناء من الاعتماد على النفس.
الاصـــــغاء هو الحل
أجمعت اتجاهات طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي الحل لمشكلاتها، فإيجاد خطين متوازنيين من الاعتماد على النفس مع الاندماج معه والخروج من زي النصح والتوجيه والأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر – لا شك أن ذلك هو السبيل الأمثل لتكوين علاقة وثيقة بين الآباء وأبنائهم في سن المراهقة
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم
لاعبه سبعًا وأدبه سبعًا وصادقه سبعًا ثم اترك له الحبل على الغارب" هكذا سبق الرسول صلى الله عليه وسلم الدراسة التي نحن بصددها في أمر التعامل مع المراهقة.. فببحث الأمر في دراسة متخصصة قامت بها الـ (Gssw) المدرسة المتخصصة للدراسات الاجتماعية في الولايات المتحدة على حوالي 400 طفل، بداية من كونهم في سن رياض الأطفال وحتى وصولهم سن 24 على لقاءات مختلفة في سن 5، 9 ، 15، 18، 21 ، واشتملت على حوار مع مربيهم من مدرسين وآباء؛ لتجميع كل ما يلزم عن ظروق النشأة والضغوط والمشاكل واكتمال وظائف هؤلاء الأطفال وتفاعلهم مع الجو المحيط –كانت نتيجة الدراسة أن المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها الجميع، ويهتم جميع أفرادها بشئون بعضهم البعض -هم الأقل (من بين الذين تمت عليهم الدراسة) ضغوطًا، والأكثر إيجابية في النظرة للحياة وشئونها ومشاكلها، في حين كان الآخرون أكثر عرضه للاكتئاب والضغوط النفسية.
إذن فالآباء والأبناء يعملون في فريق واحد لتحقيق هدف مشترك هو تخطّي مرحلة التكوين بكل نجاح وإيجابية، فتحمل الآباء جدال أبنائهم ومناقشاتهم المزعجة وحواراتهم ليس من قبيل إهدار الوقت أو العبء الزائد، الذي لا ينبغي إضافته على أعبائهم، بل هو الأساس لبناء ثقة متبادلة بين أطراف الفريق وخلق توازن في اهتمامات المراهق، وإشباعه بخبرات والديه اللذين هما خير ناصحيه وأصدقائه في تلك الفترة